الطُعم المناسب هو الذي يصطاد السمك
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الطُعم المناسب هو الذي يصطاد السمك
الطُعم المناسب هو الذي يصطاد السمك[يقول المؤلف دايل كارنيجي:"من هواياتي أن اصطاد السمك, وبمقدوري أن أجعل الطُعم الذي أثبته في السنارة أفخر أنواع الأطعمة, لكني أفضل استعمالي طعوم الديدان على الدوام, ذلك أنني لا أخضع في انتقاء الطعوم إلى رغبتي الخاصة, فالسمك هو الذي سيلتهم الطُعم... وهو يفضل الديدان فإذا أردت اصطياده قدَّمت له مايرغب فيه .
والآن . لماذا لا نجرب الطُعُومَ مع الناس ؟
لقد سئل لويد جورج السياسي البريطاني الداهية, عما أبقاه في دفَّة الحكم مع أن معاصريه من رجال الدول الأوربية الأخرى لم يستطيعوا الصمود مثله, فقال: ( إنني أُلائم بين ما أضعه في السنارة وبين نوع السمك ).
والواقع أن "الطُعم" هذا مهمٌ للغاية... ذلك أن علاقتك مع الآخرين تُهمهم أيضا بقدر ما تهمك أنت, فحين تتحدث إليهم حاول أن تنظر بعيونهم, وتعبر عما في نفسك من زاويتهم وبمعنى آخر أبدِ لهم اهتمامك بهم , أكثر من اهتمامك بمصلحتك الشخصية, اجعلهم يتحمسون لما تريد منهم أن يفعلوه عن طريق اتخاذ الموقف من جانبهم " (كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس ص: 19) .
أساليب التعامل مع الناس
في هذا العنصر أتطرق إلى بعض القضايا التي يحبها الناس وبعض القضايا التي يكرهونها, وتؤثر فيهم سلباً و إيجاباً وهذه الأساليب تجارب ناجحةٌ, لأن قدوتنا فيها هو نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام . وهذه الأساليب لها شواهد من السنة ومن الواقع المُجرَّب أذكر منها مايناسب, فمنها:
1ـ الناس يكرهون النصيحة في العلن :لا يختلف اثنان في أن النصيحة في العلن يكرهها الناس, لأن كل الناس يكرهون أن تبرز عيوبهم أمام غيرهم, كل الناس مسلمهم وكافرهم. ولكن أخذ الفرد ونصحه على انفراد أدعى للقبول وأدعى لفهم المسألة .
2ـ لا تلُم أحداً عساكَ ألاّ تُلام ( لا تُكثر من لوم الناس ) :الناس يكرهون من يؤنب ويوبّخ في غير محل التأنيب ومن غير تأنٍ ودون السؤال والاستفسار, بل من الخطأ أن يتمادى الإنسان في التأنيب بعد أن يعتذر صاحبه ومن يتحدث معه فالناس جميعاً ومنهم نحن عاطفيون أولاً, ثم أصحاب منطقٍ وعقولٍ في الدرجة الثانية . إن لنا نفوساً ذات مشاعر وأهواء, وهي تريد من الآخرين أن يحترموها كما هي. فلماذا تحاول مناقضة نفوس الآخرين, بينما تعرف أن نفوسنا من نفس النوع ؟ إن اللوم والتأنيب مُرُّ المذاق ثقيلٌ على النفس البشرية فحاول تجنبه حتى تكسب حُبَّ غيرك.
3ـ من الحكمة أن تُسلم بخطئك حين تخطيء:إن الاعتراف بالخطأ يزيل التحامل الذي يمكن أن يتولد في صدر الخصم أولاً, ومن ثم يخفف أثر الخطأ ثانياً...فحين ترى أنك على خطأٍ اعمد إلى التسليم به, وهو كفيلٌ بأن يجعل الخصم يقف منك موقف الرحيم السريع العفو, وعلى العكس من ذلك إذا أصررت على الدفاع عن خطئك. وقديماً قيل :"المقر بذنبه كمن لا ذنب له".
4ـ إيَّاك والأنا :الناس يكرهون دائماً من ينسب الفضل لنفسه, فإذا حدث إخفاقٌ ألقى بالتبعة على الآخرين وإذا حدث نجاحٌ نسبه لنفسه.جاء في بحثٍ إحصائيٍ قامت به مصلحة التليفونات في نيويورك: أنَّ كلمة (أنا) هي أكثر كلمةٍ ترِّن بها أسلاك شبكتها التليفونية. ومعنى ذلك أن اهتمام الناس كُلٌّ بنفسه, هو الصفة المسيطرة على البشر, فإذا كنت تهتم بنفسك أولاً, ولا تحاول اجتذاب الآخرين بالاهتمام بهم, فكيف تنتظر منهم أن يهتموا بك إذن؟.
5 ـ لا تُركِّز على السلبيات دون الحسنات: خذ مثالاً: علاقة المرأة المسلمة بزوجها المسلم, والتي يمكن أن يُعممَ مغزاها في كل قضايا التعامل، يقول صلى الله عليه وسلم :"لا يَفْرَكْ مؤمنٌ مؤمنةً إن كره منها خلقاً رضي منها آخر" (رواه مسلم نص حديث أبي هريرة رضي الله عنه ). فما أحدٌ يسلم من العيوب فلا زوجة بلا عيوب, ولا صديق بلا عيوب, ولا رئيس ولا مرؤوس, يقول سعيد بن المسيب:"ليس من شريفٍ ولا عالمٍ ولا ذي فضلٍ إلا فيه عيب, ولكن من الناس من لاينبغي أن تُذكر عيوبه " فمن كان فضله أكثر من نقصه ذهب نقصه لفضله, ولاتذكر عيوب أهل الفضل تقديراً لهم.
وكم من الناس ننقدهم فإذا رأينا غيرهم حمدناهم.
بكيت من عمروٍ فلما تركته *** وجربت أقواماً بكيت على عمرو
والرسول صلى الله عليه وسلم يعطينا المثل فيذكِّرُ بفضل الأنصار, لأن البشر بطبعهم ينسون الحسنات. فقد أخرج البخاري قوله صلى الله عليه وسلم :"أوصيكم الأنصار فإنهم كرشي وعيبتي (يعني بطانتي وخاصتي ), فقد قضوا الذي عليهم (يقصد أنهم وفوا بما تعهدوا به في بيعة العقبة), وبقي الذي لهم ، فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم " (البخاري من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه). إن هذا قمة الإنسانية والعدل .
6ـ الناس يكرهون من لا ينسى الزلات:الناس يبغضون من لاينسى زلاتهم ولايزال يُذَكِّر بها ويمُنّ على من عفا عنه, فالناس يكرهون ذلك الإنسان الذي يُذَكِّرُ الناس بأخطائهم ويعيدها عليهم مرةً بعد مرةٍ. والله عز وجل يقول:"والعافين عن الناس". ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم :"من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة " ( مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه) فالذي يذكر ويعيد الخطأ يكره الناس الاجتماع به والارتياح إليه .
7ـ احذر من النقد المباشر:الانتقاد لايحتاج إلى موهبةٍ خاصةٍ أو بذل نشاطٍ كبيرٍ, ففي وسع أي أحمقٍ أن يُشنِّع على رجلٍ ذي عبقرية وتميزٍ وأن يتهمه ويسخر منه. دعنا نحاول أن نفهم الأخرين ونتلمس لهم الأعذار حين تقصيرهم فهذا أمتع من النقد المباشر. فطبيعة البشر تأبى ذلك. نعم, قد ينفذ الشخص المنتقد المطلوب منه ولو كان الأسلوب مباشر وبنقدٍ حادٍ, ولكن لو كانت الطريقة ألطف كان ذلك أدعى للقبول. ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوةً حسنةً, ومن ذلك ما ورد في قصة القوم الفقراء والذين جاؤوا وكانوا كلهم من مُضَر, وتأثر الرسول صلى الله عليه وسلم لما لهم من الفقر فقام وخطب الناس, ثم قال:"تصدق رجلٌ من ديناره, من درهمه, من ثوبه, من صاع تمره" (أحمد في مسنده من حديث المنذر بن جرير عن أبيه). ولم يقل تصدقوا ولم يعاتبهم على عدم الصدقة, فانظر النتيجة: جاء رجلٌ من الأنصار بِصُرّة كادت تعجز يده عن حملها , بل عجزت, وقدمها للرسول صلى الله عليه وسلم فاستهل وجهه وقام الناس وتصدقوا فأصبح عنده كومة من الصدقات ,وفرح الرسول صلى الله عليه وسلم فقال :" من سَنَّ في الإسلام سُنةً حسنةً ..." الحديث (مسلم في صحيحه من حديث المنذر بن جرير عن أبيه). وهكذا . فاحذر من النقد المباشر الذي لاتكسب منه سوى إيغار الصدور .
8ـ الفت النظر إلى الأخطاء تلميحاً وبكُلِّ لباقةٍ:أنت وأنا والناس جميعا يكرهون أن ينتقدهم غيرهم إلا أننا جميعاً كثيراً ما نفعل أفعالاً تستدعي الانتقاد , فإذا وددت انتقاد الغير وكان هناك موجبٌ حقيقيٌ لذلك ,فكيف نفعل ؟.
لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم قدوةً حسنةً, حينما قال لعبدالله بن عمر رضي الله عنه :"نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل " فنجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم عالج الخطأ بكل لباقةٍ بل وقدم المدح والثناء قبل لفت النظر إلى الخطأ.
إن المقصود بالانتقاد والتوجيه هو إصلاح الغير مع ضمان عدم إثارة البغضاء في قلبه, ولهذا كان على المنتقد أن يلجأ إلى التلميح بما يراه ناقصاً, ولكن من طرفٍ خفيٍ.
9ـ تكلَّم عن أخطائك أولاً, وقدٍّم اقتراحات مهذبة:إن افعل هذا، ولا تفعل ذاك لا تعطي نتيجةً طيبةً كقولك : (أليس من الأفضل أن تفعل هذا ؟) أو (أليس من الأفضل أن لا تفعل ذاك ؟) ذلك أن الأمر الجازم صعبٌ على النفس أن تتقبله, وحتى لو تقبله الرجل الذي توجه إليه الأمر فإن توجيهك ذلك له يُبقي في نفسه جرحاً غائراً يطول قبل أن يندمل , أما الاقتراح (المهذب) فهو مستساغٌ لا يشعر المرء تجاهه بغضاضةٍ فينفذه راضياً محتفضاً بعزته وتقدير نفسه.
قبل بضع سنوات, قرَّرَ مجلس إدارة شركة (جنرال إلكتريك) إقالة رئيس قسم الحسابات في الشركة وكان مهندساً كهربائياً عبقرياً طالما انتفعت به الشركة, لكنه لم ينجح في إدارة قسم الحسابات أيَّ نجاحٍ, وكانت الشركة تقدر للرجل فضله لكن تود كفَّ يده عن قسمٍ حيويٍّ فيها, فكيف تبلغه ذلك؟.
لقد اخترعت له منصب " المهندس المستشار للشركة " وجعلته عليه ثم سلمت إدارة القسم لشخصٍ آخر... فحاول دائماً أن تحفظ ماء وجه الآخرين.
10ـ لا تعامل الناس باستعلاء: الناس يكرهون من يعاملهم باحتقارٍ و استعلاءٍ مهما كان هذا الإنسان. روى هارون بن عبد الله الجمال, فقال: ( جاءني أحمد بن حنبل بالليل ـ انظروا كيف يكون التصرف يريد أن يصحح خطأً! ـ، فدقَّ علي الباب، فقلت: من هذا ؟ فقال: أنا أحمد، ـ لم يقل: الشيخ أحمد ـ فبادرت وخرجت إليه فمساني و مسِّيته. فقلت: حاجة أبي عبد الله ؟ ( أي: ما حاجتك ؟), قال: شغلت اليوم قلبي. فقلت: بماذا يا أبا عبد الله ؟, قال: جُزتُ عليك اليوم وأنت قاعدٌ تُحدِّث الناس في الفيء (الظل) والناس في الشمس بأيديهم الأقلام والدفاتر. لا تفعل مرة أخرى، إذا قعدت فاقعد مع الناس). انظر كيف كانت النصيحة والذي يرويها ليس الإمام وإنما ذلكم الشخص المتأثر بالنصيحة!.
11ـ احترم آراء الآخرين، ولا تقُل لأحدٍ: أنت مخطئ:حين تبدأ كلامك مع رجلٍ بأن تقول له: (( أنت مخطئ )) أو(( اسمع يا هذا: سأثبت بطلان ما تقول))، أو باللهجة العامية: ((ما عندك سالفة )), أتدري أنك في تلك اللحظة تعني: أنك أيها الرجل تعوزك براعتي و ينقصك ذكائي، قف أمامي ذليلاً لكي أدلك على الطريق الذي بلغه ذهني المتوقد وحكمتي الأصيلة؟ هذا هو المعنى بالضبط... فهل تقبل بأن يوجه إليك أحدٌ مثل هذا القول ؟ كلا طبعاً . إذن, فلماذا توجهه إلى الآخرين ؟ .
قال اللورد شستر فيلد في رسالته إلى ولده: (( يابني... كُن أحكم الناس إذا استطعت، ولكن لا تحاول أن تقول لهم ذلك )). فلماذا يسارع الواحد منا بنشر التأكيد والجزم وحتى في أمورٍ غامضةٍ، لمجرد الادعاء بالعلم، أو مناكفة الغير، أفتظن أن قولك: (( أنت مخطئ )) سيوصلك إلى نتيجةٍ مع من تحدثه بنفس القدر الذي يوصلك إليه قولك: (( قد أكون أنا مخطئا ))، فلنفتش عن الحقيقة. إن إقرارك باحتمال أن قولك غير مصيب لا يُضعف موقفك كما قد يُخيلُ إليك، فالسامعون يتأثرون بك وبنزاهتك وحبك للإنصاف ، أما من قابلته مباشرة بتخطئته فيصعب عليك إقناعه بالخطأ بعد ذلك, فهذه طبيعة النفس البشرية فهي تتأثر انعكاساً . فاحترم آراء الغير مهما كانت وصغرت, يحبك الناس ويتأثرون بشخصك, وأكبر دليلٍ على ذلك صبره صلى الله عليه وسلم على جفاء الأعراب حين يخاطبوه, يدخل الرجل منهم مغضباً ويخرج وأسارير الرضا على وجهه .[/
والآن . لماذا لا نجرب الطُعُومَ مع الناس ؟
لقد سئل لويد جورج السياسي البريطاني الداهية, عما أبقاه في دفَّة الحكم مع أن معاصريه من رجال الدول الأوربية الأخرى لم يستطيعوا الصمود مثله, فقال: ( إنني أُلائم بين ما أضعه في السنارة وبين نوع السمك ).
والواقع أن "الطُعم" هذا مهمٌ للغاية... ذلك أن علاقتك مع الآخرين تُهمهم أيضا بقدر ما تهمك أنت, فحين تتحدث إليهم حاول أن تنظر بعيونهم, وتعبر عما في نفسك من زاويتهم وبمعنى آخر أبدِ لهم اهتمامك بهم , أكثر من اهتمامك بمصلحتك الشخصية, اجعلهم يتحمسون لما تريد منهم أن يفعلوه عن طريق اتخاذ الموقف من جانبهم " (كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس ص: 19) .
أساليب التعامل مع الناس
في هذا العنصر أتطرق إلى بعض القضايا التي يحبها الناس وبعض القضايا التي يكرهونها, وتؤثر فيهم سلباً و إيجاباً وهذه الأساليب تجارب ناجحةٌ, لأن قدوتنا فيها هو نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام . وهذه الأساليب لها شواهد من السنة ومن الواقع المُجرَّب أذكر منها مايناسب, فمنها:
1ـ الناس يكرهون النصيحة في العلن :لا يختلف اثنان في أن النصيحة في العلن يكرهها الناس, لأن كل الناس يكرهون أن تبرز عيوبهم أمام غيرهم, كل الناس مسلمهم وكافرهم. ولكن أخذ الفرد ونصحه على انفراد أدعى للقبول وأدعى لفهم المسألة .
2ـ لا تلُم أحداً عساكَ ألاّ تُلام ( لا تُكثر من لوم الناس ) :الناس يكرهون من يؤنب ويوبّخ في غير محل التأنيب ومن غير تأنٍ ودون السؤال والاستفسار, بل من الخطأ أن يتمادى الإنسان في التأنيب بعد أن يعتذر صاحبه ومن يتحدث معه فالناس جميعاً ومنهم نحن عاطفيون أولاً, ثم أصحاب منطقٍ وعقولٍ في الدرجة الثانية . إن لنا نفوساً ذات مشاعر وأهواء, وهي تريد من الآخرين أن يحترموها كما هي. فلماذا تحاول مناقضة نفوس الآخرين, بينما تعرف أن نفوسنا من نفس النوع ؟ إن اللوم والتأنيب مُرُّ المذاق ثقيلٌ على النفس البشرية فحاول تجنبه حتى تكسب حُبَّ غيرك.
3ـ من الحكمة أن تُسلم بخطئك حين تخطيء:إن الاعتراف بالخطأ يزيل التحامل الذي يمكن أن يتولد في صدر الخصم أولاً, ومن ثم يخفف أثر الخطأ ثانياً...فحين ترى أنك على خطأٍ اعمد إلى التسليم به, وهو كفيلٌ بأن يجعل الخصم يقف منك موقف الرحيم السريع العفو, وعلى العكس من ذلك إذا أصررت على الدفاع عن خطئك. وقديماً قيل :"المقر بذنبه كمن لا ذنب له".
4ـ إيَّاك والأنا :الناس يكرهون دائماً من ينسب الفضل لنفسه, فإذا حدث إخفاقٌ ألقى بالتبعة على الآخرين وإذا حدث نجاحٌ نسبه لنفسه.جاء في بحثٍ إحصائيٍ قامت به مصلحة التليفونات في نيويورك: أنَّ كلمة (أنا) هي أكثر كلمةٍ ترِّن بها أسلاك شبكتها التليفونية. ومعنى ذلك أن اهتمام الناس كُلٌّ بنفسه, هو الصفة المسيطرة على البشر, فإذا كنت تهتم بنفسك أولاً, ولا تحاول اجتذاب الآخرين بالاهتمام بهم, فكيف تنتظر منهم أن يهتموا بك إذن؟.
5 ـ لا تُركِّز على السلبيات دون الحسنات: خذ مثالاً: علاقة المرأة المسلمة بزوجها المسلم, والتي يمكن أن يُعممَ مغزاها في كل قضايا التعامل، يقول صلى الله عليه وسلم :"لا يَفْرَكْ مؤمنٌ مؤمنةً إن كره منها خلقاً رضي منها آخر" (رواه مسلم نص حديث أبي هريرة رضي الله عنه ). فما أحدٌ يسلم من العيوب فلا زوجة بلا عيوب, ولا صديق بلا عيوب, ولا رئيس ولا مرؤوس, يقول سعيد بن المسيب:"ليس من شريفٍ ولا عالمٍ ولا ذي فضلٍ إلا فيه عيب, ولكن من الناس من لاينبغي أن تُذكر عيوبه " فمن كان فضله أكثر من نقصه ذهب نقصه لفضله, ولاتذكر عيوب أهل الفضل تقديراً لهم.
وكم من الناس ننقدهم فإذا رأينا غيرهم حمدناهم.
بكيت من عمروٍ فلما تركته *** وجربت أقواماً بكيت على عمرو
والرسول صلى الله عليه وسلم يعطينا المثل فيذكِّرُ بفضل الأنصار, لأن البشر بطبعهم ينسون الحسنات. فقد أخرج البخاري قوله صلى الله عليه وسلم :"أوصيكم الأنصار فإنهم كرشي وعيبتي (يعني بطانتي وخاصتي ), فقد قضوا الذي عليهم (يقصد أنهم وفوا بما تعهدوا به في بيعة العقبة), وبقي الذي لهم ، فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم " (البخاري من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه). إن هذا قمة الإنسانية والعدل .
6ـ الناس يكرهون من لا ينسى الزلات:الناس يبغضون من لاينسى زلاتهم ولايزال يُذَكِّر بها ويمُنّ على من عفا عنه, فالناس يكرهون ذلك الإنسان الذي يُذَكِّرُ الناس بأخطائهم ويعيدها عليهم مرةً بعد مرةٍ. والله عز وجل يقول:"والعافين عن الناس". ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم :"من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة " ( مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه) فالذي يذكر ويعيد الخطأ يكره الناس الاجتماع به والارتياح إليه .
7ـ احذر من النقد المباشر:الانتقاد لايحتاج إلى موهبةٍ خاصةٍ أو بذل نشاطٍ كبيرٍ, ففي وسع أي أحمقٍ أن يُشنِّع على رجلٍ ذي عبقرية وتميزٍ وأن يتهمه ويسخر منه. دعنا نحاول أن نفهم الأخرين ونتلمس لهم الأعذار حين تقصيرهم فهذا أمتع من النقد المباشر. فطبيعة البشر تأبى ذلك. نعم, قد ينفذ الشخص المنتقد المطلوب منه ولو كان الأسلوب مباشر وبنقدٍ حادٍ, ولكن لو كانت الطريقة ألطف كان ذلك أدعى للقبول. ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوةً حسنةً, ومن ذلك ما ورد في قصة القوم الفقراء والذين جاؤوا وكانوا كلهم من مُضَر, وتأثر الرسول صلى الله عليه وسلم لما لهم من الفقر فقام وخطب الناس, ثم قال:"تصدق رجلٌ من ديناره, من درهمه, من ثوبه, من صاع تمره" (أحمد في مسنده من حديث المنذر بن جرير عن أبيه). ولم يقل تصدقوا ولم يعاتبهم على عدم الصدقة, فانظر النتيجة: جاء رجلٌ من الأنصار بِصُرّة كادت تعجز يده عن حملها , بل عجزت, وقدمها للرسول صلى الله عليه وسلم فاستهل وجهه وقام الناس وتصدقوا فأصبح عنده كومة من الصدقات ,وفرح الرسول صلى الله عليه وسلم فقال :" من سَنَّ في الإسلام سُنةً حسنةً ..." الحديث (مسلم في صحيحه من حديث المنذر بن جرير عن أبيه). وهكذا . فاحذر من النقد المباشر الذي لاتكسب منه سوى إيغار الصدور .
8ـ الفت النظر إلى الأخطاء تلميحاً وبكُلِّ لباقةٍ:أنت وأنا والناس جميعا يكرهون أن ينتقدهم غيرهم إلا أننا جميعاً كثيراً ما نفعل أفعالاً تستدعي الانتقاد , فإذا وددت انتقاد الغير وكان هناك موجبٌ حقيقيٌ لذلك ,فكيف نفعل ؟.
لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم قدوةً حسنةً, حينما قال لعبدالله بن عمر رضي الله عنه :"نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل " فنجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم عالج الخطأ بكل لباقةٍ بل وقدم المدح والثناء قبل لفت النظر إلى الخطأ.
إن المقصود بالانتقاد والتوجيه هو إصلاح الغير مع ضمان عدم إثارة البغضاء في قلبه, ولهذا كان على المنتقد أن يلجأ إلى التلميح بما يراه ناقصاً, ولكن من طرفٍ خفيٍ.
9ـ تكلَّم عن أخطائك أولاً, وقدٍّم اقتراحات مهذبة:إن افعل هذا، ولا تفعل ذاك لا تعطي نتيجةً طيبةً كقولك : (أليس من الأفضل أن تفعل هذا ؟) أو (أليس من الأفضل أن لا تفعل ذاك ؟) ذلك أن الأمر الجازم صعبٌ على النفس أن تتقبله, وحتى لو تقبله الرجل الذي توجه إليه الأمر فإن توجيهك ذلك له يُبقي في نفسه جرحاً غائراً يطول قبل أن يندمل , أما الاقتراح (المهذب) فهو مستساغٌ لا يشعر المرء تجاهه بغضاضةٍ فينفذه راضياً محتفضاً بعزته وتقدير نفسه.
قبل بضع سنوات, قرَّرَ مجلس إدارة شركة (جنرال إلكتريك) إقالة رئيس قسم الحسابات في الشركة وكان مهندساً كهربائياً عبقرياً طالما انتفعت به الشركة, لكنه لم ينجح في إدارة قسم الحسابات أيَّ نجاحٍ, وكانت الشركة تقدر للرجل فضله لكن تود كفَّ يده عن قسمٍ حيويٍّ فيها, فكيف تبلغه ذلك؟.
لقد اخترعت له منصب " المهندس المستشار للشركة " وجعلته عليه ثم سلمت إدارة القسم لشخصٍ آخر... فحاول دائماً أن تحفظ ماء وجه الآخرين.
10ـ لا تعامل الناس باستعلاء: الناس يكرهون من يعاملهم باحتقارٍ و استعلاءٍ مهما كان هذا الإنسان. روى هارون بن عبد الله الجمال, فقال: ( جاءني أحمد بن حنبل بالليل ـ انظروا كيف يكون التصرف يريد أن يصحح خطأً! ـ، فدقَّ علي الباب، فقلت: من هذا ؟ فقال: أنا أحمد، ـ لم يقل: الشيخ أحمد ـ فبادرت وخرجت إليه فمساني و مسِّيته. فقلت: حاجة أبي عبد الله ؟ ( أي: ما حاجتك ؟), قال: شغلت اليوم قلبي. فقلت: بماذا يا أبا عبد الله ؟, قال: جُزتُ عليك اليوم وأنت قاعدٌ تُحدِّث الناس في الفيء (الظل) والناس في الشمس بأيديهم الأقلام والدفاتر. لا تفعل مرة أخرى، إذا قعدت فاقعد مع الناس). انظر كيف كانت النصيحة والذي يرويها ليس الإمام وإنما ذلكم الشخص المتأثر بالنصيحة!.
11ـ احترم آراء الآخرين، ولا تقُل لأحدٍ: أنت مخطئ:حين تبدأ كلامك مع رجلٍ بأن تقول له: (( أنت مخطئ )) أو(( اسمع يا هذا: سأثبت بطلان ما تقول))، أو باللهجة العامية: ((ما عندك سالفة )), أتدري أنك في تلك اللحظة تعني: أنك أيها الرجل تعوزك براعتي و ينقصك ذكائي، قف أمامي ذليلاً لكي أدلك على الطريق الذي بلغه ذهني المتوقد وحكمتي الأصيلة؟ هذا هو المعنى بالضبط... فهل تقبل بأن يوجه إليك أحدٌ مثل هذا القول ؟ كلا طبعاً . إذن, فلماذا توجهه إلى الآخرين ؟ .
قال اللورد شستر فيلد في رسالته إلى ولده: (( يابني... كُن أحكم الناس إذا استطعت، ولكن لا تحاول أن تقول لهم ذلك )). فلماذا يسارع الواحد منا بنشر التأكيد والجزم وحتى في أمورٍ غامضةٍ، لمجرد الادعاء بالعلم، أو مناكفة الغير، أفتظن أن قولك: (( أنت مخطئ )) سيوصلك إلى نتيجةٍ مع من تحدثه بنفس القدر الذي يوصلك إليه قولك: (( قد أكون أنا مخطئا ))، فلنفتش عن الحقيقة. إن إقرارك باحتمال أن قولك غير مصيب لا يُضعف موقفك كما قد يُخيلُ إليك، فالسامعون يتأثرون بك وبنزاهتك وحبك للإنصاف ، أما من قابلته مباشرة بتخطئته فيصعب عليك إقناعه بالخطأ بعد ذلك, فهذه طبيعة النفس البشرية فهي تتأثر انعكاساً . فاحترم آراء الغير مهما كانت وصغرت, يحبك الناس ويتأثرون بشخصك, وأكبر دليلٍ على ذلك صبره صلى الله عليه وسلم على جفاء الأعراب حين يخاطبوه, يدخل الرجل منهم مغضباً ويخرج وأسارير الرضا على وجهه .[/
شريف محمد
رد: الطُعم المناسب هو الذي يصطاد السمك
شكرا على الموضوع و النصائح الروعة
عــــــــــــــودة حميدة يا شــــــــــــــــريف
عــــــــــــــودة حميدة يا شــــــــــــــــريف
المدير العام
رد: الطُعم المناسب هو الذي يصطاد السمك
توبيك رائع جدا.................دائما تعود بقوة مشكور يابو محمد
سمكة القصير
مواضيع مماثلة
» فوائد السمك
» كفتة السمك
» معلومات عن انواع اسماك النيل والبحر الاحمر والبحر الابيض المتوسط
» الوقت المناسب لشرب الماء
» فصائل الدم والغذاء المناسب لها
» كفتة السمك
» معلومات عن انواع اسماك النيل والبحر الاحمر والبحر الابيض المتوسط
» الوقت المناسب لشرب الماء
» فصائل الدم والغذاء المناسب لها
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى