تغييرات وزارية وشيكة ... وتوقعات بالإطاحة بـ"نظيف"

جاءت الأحداث المتسارعة في تونس لتلقي بظلالها على الأوضاع السياسية في كثير من الدول العربية، لا سيما مصر، التي بدأ يتردد فيها الحديث بقوة عن اقتراب إجراء تغيير وزاري، منعًا لتدهور الأوضاع السياسية، والحيلولة دون تكرار الحالة التونسية، ويرى مراقبون أن التغيير بات مطلوبًا بسرعة في مصر مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية.


الإطاحة بـ"نظيف"
وبعد أن كان الحديث يدور حول بعض التعديلات الوزارية المحدودة، على أن يستمر الدكتور أحمد نظيف على رأس الحكومة الجديدة، لا يستبعد المراقبون، بعد أحداث تونس الأخيرة، أن تتم الإطاحة بـ"نظيف" نفسه، حتى يثبت النظام للشعب المصري، الذي أصبح ينظر إلى التجربة التونسية باعتبارها مثلاً أعلى أمامه، أنه جاد في تحسين الأوضاع الاقتصادية وتحقيق نمو يعود أثره المباشر على المواطن المصري البسيط، ما يمنع من تأليب قوى المعارضة للمواطنين ضد النظام، ردًّا على ما اعتبروه تزويرًا في انتخابات مجلس الشعب الماضية، التي استحوذ فيها الحزب الوطني على أغلبية المقاعد.
وعند الحديث عن الإطاحة بـ"نظيف" يتصدر المشهد المستشار جودت الملط، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، وهو المعروف بحزمه وجرأته في كشف قضايا الفساد والمخالفات، وكان آخرها مخالفات عقد مشروع مدينتي لمجموعة طلعت مصطفى، التي أضاعت على الدولة 78 مليار جنيه، ولأن فساد عائلة الطرابلسي زوجة الرئيس التونسي السابق، كان من أهم أسباب ثورة التونسيين، فإن المراقبين يتوقعون لـ"الملط" دورًا كبيرًا في المرحلة المقبلة، ليؤكد النظام المصري من جانبه، على أنه يحارب الفساد والفاسدين، ومن ثم وضع الرجل المعروف بمحاربته للفساد على رأس الحكومة.

"[color=yellow]شفيق" في المشهد[/color
]ويأتي الفريق أحمد شفيق، وزير الطيران المدني، وقائد سلاح الجو السابق، كثاني المرشحين لخلافة الدكتور أحمد نظيف، باعتباره الرجل الذي يحظى بثقة الرئيس مبارك، وتردد من قبل اسمه ليخلفه في الرئاسة، فـ"شفيق" ليس معروفًا بدرجة كافية في المشهد السياسي المصري الحالي، ولا تثور حوله شبهات الفساد، ويتمتع برؤية سياسية وسطية، فضلاً عن احتمالية قبوله شعبيًّا، ويعتبر شفيق من اللواءات القلائل الذين قدموا أدوارًا مدنية مؤثرة، وأثبت مهاراته الإدارية، فقاد قطاع الطيران التجاري في مصر في القرن الـ٢١، وتبنى إنجاز تعديلات ضخمة لمطار القاهرة الدولي.


ويتوقع البعض أن تتضمن التعديلات الوزارية الإطاحة باللواء حبيب العادلي، وزير الداخلية، كي يعطي الرئيس مبارك انطباعًا بأنه غير راض عن الترهل الأمني الذي بدت عليه مصر في الآونة الأخيرة، والذي أسفر عن وقوع أحداث المصادمات المسيحية مع الأمن بالعمرانية في الجيزة، ثم حادث كنيسة القديسين بالإسكندرية، ثم حادث قطار المنيا، ثم مقتل السيد بلال الناشط السلفي تحت وطأة التعذيب لدى أجهزة الأمن التي حاولت انتزاع اعترافات كاذبة منه عن تورطه في تنفيذ حادث القديسين، أضف إلى ذلك عن سجل من وقائع التعذيب، التي ساهمت في خلق رأي عام معادٍ لوزارة الداخلية في الشارع المصري، الذي بات يشعر بالاستياء إلى حد المهانة، لا سيما بعد أن قدم وزير الداخلية الكويتي استقالته منذ أيام قليلة، فقط بسبب موت متهم واحد تحت وطأة التعذيب في أحد أقسام الشرطة.
من هذا كله ربما يلجأ الرئيس مبارك إلى الإطاحة بالعادلي، وإحضار شخصية غير معروفة للرأي العام، حتى لا تكون هناك صورة مسبقة عنه، ويضطر الناس إلى الانتظار والتفاؤل الحذر على أمل أن يكون الوزير الجديد مختلفًا عن سابقه.

وزراء مرشحون للإقالة
الوزير الثاني المرشح للإطاحة به على قربان تثيبت دعائم النظام المصري والابتعاد عن شبح النموذج التونسي هو الدكتور يوسف بطرس غالي، وزير المالية، لكونه يحظى بكراهية لا حدود لها في الشارع المصري، بعد أن ارتبط في أذهانهم بصورة الجابي، الذي أدمن فرض الضرائب واختراع وسائل لسلب أموال الشعب، دون تقديم أية خدمة يمكن له أن يبرر بها ما يحصله من ضرائب، فضلاً عن ملفاته التي أثارت كثيرًا من الجدل، مثل إعفاء قصوره الفاخرة من الضرائب العقارية التي يفرضها على الجميع، وعلاجه مؤخرًا في الولايات المتحدة الأميركية على نفقة الدولة، رغم أن مرضه لم يكن يستدعي السفر إلى خارج مصر من الأساس.
ويعتقد بعض المراقبين أن الإطاحة بغالي قد تمثل "عربونًا" معقولاً للتصالح مع الشعب، وربما يوحي بأن النظام قد استوعب الدرس التونسي وقرر إصلاح شأنه بنفسه، دون الوصول إلى حد الانجراف نحو الهاوية، وربما يأتي وزير جديد للمالية تكون أول قراراته التصالحية مع الشعب إلغاء الضريبة العقارية، لبث الطمأنينة بأن الأمور آخذة في التحسن.


الوزير الثالث الذي تطاله توقعات التغيير هو الدكتور أحمد زكي بدر، وزير التربية والتعليم، الذي أثار ضجة كبرى حول أغلب قراراته، ودأبت الصحافة على اتهامه بالتصرف وكأنه وزير للداخلية والتعليم، في إشارة إلى كونه النجل الأكبر لوزير الداخلية الأسبق زكي بدر، الذي عرف بعنفه في التعامل مع المسائل الأمنية.
وفشل بدر في استمالة المدرسين أو الطلاب أو المواطنين إلى صفه، فالجميع ساخطون عليه وعلى سياسته، الأمر الذي دفع البعض إلى المطالبة بإقالته بعد أسابيع قليلة من توليه الوزارة.
ويأتي الفنان فاروق حسني، وزير الثقافة، ضمن الفئة التي يرجح الإطاحة بها أيضًا في التعديلات الوزارية القادمة، نظرًا إلى كونه من الوجوه القديمة التي ارتبطت بالأوضاع السابقة، لا سيما أن اسم الدكتور إسماعيل سراج الدين، مدير مكتبة الإسكندرية، يلقى ترحيبًا كبيرًا في الشارع وأوساط المثقفين، كمرشح مناسب لخلافة حسني في وزارة الثقافة، رغم وجود أنباء أيضًا عن ترشيح الدكتور زاهي حواس، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أو تشكيل وزارة مستقلة للآثار، يرأسها حواس.


هناك وزارة الاستثمار الخالية منذ رحيل وزيرها السابق الدكتور محمود محيي الدين، الذي تم تعيينه مديرًا بالبنك الدولي، وسط تلميحات من الدكتور أحمد نظيف، رئيس مجلس الوزراء، بإمكانية دمجها مع وزارة التجارة والصناعة.
وهناك وزراء آخرون مرشحون للتغيير من بينهم وزير الصحة الدكتور حاتم الجبلي الذي تعرض لانتقادات مؤخرًا بسبب العلاج على نفقة الدولة، ومن المرشحين لتولي الوزارة الدكتور ماجد الديب رئيس جامعة عين شمس، فيما تم ترشيح المستشار الدكتور النائب العام المستشار عبد المجيد محمود لمنصب وزير العدل بحسب المصدر نفسه أيضًا.
وتشير التكهنات التي انتشرت بسرعة داخل أروقة الحزب الوطني إلى دخول وزارت أخرى ضمن التعديل المتوقع، من بينها وزارة الزراعة التي يتولاها محمود أباظة، ووزارة الري التي يتولاها الدكتور محمد نصر الدين علام، في ضوء المشاكل التي يواجهها المزارعون وعدم حل أزمة دول حوض النيل حتى الآن.