فلسفة الجمال!
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
فلسفة الجمال!
الجمال ليس شيئا سوى أن ترى الشيء جميلا! و على ما يبدو أنه لن يستطع أحد أن يُعرف الجمال تعريفا نهائيا فالجمال أجمل من أن يتم تعريفه! وقد يكون أحد أسباب استعصاء تعريف الجمال أن الجمال ليس قيمة ملموسة دائما بل هناك جمال الروح و جمال الطّباع فليس مقصودا بمقولة “فلان جميل” أنه يملك وجها حسنا بل ربما المقصود جمال روحه لأن جمال الوجه يفنى أما جمال الروح فيبقى، ولعل هذا يعتبر مبررا و مفسرا للمقولة التي نسمعها كثيرا “الجمال شيء نسبي” الجمال فعلا شيء نسبي و لكن نسبيته لا ترجع لذاته فهو ثابت لا يتغير ولكن نسبيته ترجع إلى قدرة كل منا على تذوقه. فهي في النهاية أذواق. وقليلة هي تلك الأشياء التي أجمع البشر على جمالها.
لنضرب مثالا لتوضيح الرؤية، هناك من يرى أهرامات الجيزة بناء معماريا ضخما، تم بناؤه بطريقة عجيبة لن يتم التعرف عليها ولكنه لا يرى فيه أي مظهر من مظاهر الجمال وعلى الجانب الآخر هناك من يراه تمثيلا للجمال الهندسي وتحفة المعمار وتعبيرا عن دقة الحسابات وإعجازها في علم البناء والفلك جميعهما. الأمر في النهاية يعود لمقدرة نفوسنا – التي وزعها الله علينا بحكمته ورحمته – على إدراك الشيء الجميل.
ولكن ما يميز الفنان أنه يمتلك طرقا خفية في الإدراك قد يعجز هو ذاته عن تفسيرها، فهي مقدرة وحس فني زرعه الله في فطرته، فتجده يتأثر تأثرا عجيبا بأشياء قد تبدو للبعض أمرا عاديا بل قد يصل بالبعض لاعتبار ذلك الأمر سذاجة وسخفا. نسمع عن فنانين كانوا مغرمين برائحة أوراق الجرائد ورائحة الكتب الجديدة فتجده عندما يشتري كتابا لا يتصفح الفهرس ولا المقدمة، ولكنه ما يلبث أن يلقي نظرة على تصميم الغلاف الجميل الجذاب حتى تجده في خلسة قد دس أنفه دسّاً في الكتاب مستنشقا رائحته، وكأنه يشم النسيم العليل عند الفجر! وهناك من نراه إذا دخل متحفا فنيا للأثاث القديم يبدأ في الاقتراب الشديد من الأثاث ويلمس بكلتا يديه القطع المطعّمة في الخشب ويقترب بعينيه منها وربما تلك اللقطة التي نمر أمامها مرور الكرام، تجده يقف أمامها الدقائق الطوال ينهل من جمالها ويملأ روحه من الإحساس الذي تنطق به تلك التحفة الصامتة شكلاً، المتكلمة روحا وفناً! وهناك من رأيناه يشم الرائحة من على بُعْد، فتراه يُمسك بصور ذكريات الطفولة ويقول لك أنا أشم في هذه الصورة رائحة كذا وكذا ! وهناك من تراه يحرص على جمع التحف الفنية من زياراته لجميع أنحاء العالم وربما كلفه ذلك المال الكثير، يفعل ذلك لا لشيء إلا لأنه عندما يراها حوله في البيت يشعر بالسلام الداخلي والهدوء النفسي والسعادة والسكينة ! وهناك من تراه يعشق نظم أبيات الشعر و تترطب أذنه بأبيات من الشعر تهزه هزا ويجلس بجواره آخر فهم الكلام ولكنه لم يجد فيه أي جديد أو أي جميل! لا ألوم هذا و لا ذاك فهذا اختلاف في القدرة على (الشعور) بالجميل واختلاف في (تذوق) الفن.
ولكن الفنان المسلم، صاحب الفكرة يقف بين لافتتين، لافتة الجميل و لافتة المفيد، محاولا الجمع بينهما، وهذا ما يميزه عن باقي البشر، فتراه يعبر عن فكرته بشيء جميل، والجميل في الشيء الجميل أنه يتعدى حدود الإدراك والتقييم والاحتراز! بمعنى أنه كم من فكرة ماكرة خبيثة دخلت لعقولنا عن طريق فيلم سينمائي أو مسلسل درامي، وكم من عادة قبيحة أو خلقا ذميما تخلق به أحدنا نتيجة صورة أو رسمه، وكم من مقولة تحتوى على مخالفات رددها الكثير لأنها قيلت في قصيدة أو مشهد من مسرحية أو فيلم بأسلوب ساخر مضحك!..
إن الفن سلاح خطير ذو حدين. أولسنا أحق – نحن أصحاب يقظة الروح و إعمال الفكر – أن ننشر أخلاقنا وسمتنا وأفكارنا الجميلة عن طريق الفن. وهنا تكمن روعة الفنان المسلم فنراه يكتب بيديه الجميلتين آيات من القرآن الكريم تسلب عقول وقلوب القارئين قبل أعينهم. وما بالك لو كُتِبت تلك الآيات بخط رديء أكان أحدهم لينظر إليها! فما أعظم جزاءه وما أجمل ثوابه، حينها ندرك معنى مقولة سيدنا علي بن أبي طالب “الخط الحسن يزيد الحق وضوحاً”. هنا تكمن روعة الفنان المسلم أنه بدلا من أن ينشر فكرته بخطبة عصماء مل الناس من سماعها وتكرارها أو بمحاضرة طويلة أصابت البعض بالاختناق أو كلاما لاسعا في نقد الصفات السيئة والعصاة. نجد فنانا أوصل رسالته في لوحة أو تصميم أو أبيات من الشعر أو زخرف فنية أو فنا معماريا أو نشيدا عذبا فانساب المعنى إلى النفس من دون أن تشعر بالملل بل عوضا عن ذلك ملأت روحها السعادة و التفاؤل.
إن مهمة الفنان المسلم – إن كان لا يدركها – مهمة عظيمة خطبها جلل، إن مهمته تكمن في تصحيح الفطرة البشرية بعد أن اعتلتها القاذورات وغرست في أوحال الحضارة الزائفة، فالفطرة السليمة ستصل إلى خالقها إن عاجلا أو آجلا وإن لم يدعها أحد، الفطرة السليمة أقرب إلى الحق منها إلى الباطل، الفطرة السليمة قادرة على حساب الأمور بعقلها وقلبها بعيدا عن شهوات النفس والمصالح الشخصية، الفطرة السليمة قادرة على تذوق الحق كما هي قادرة تماما على تذوق الجمال. إن الفنان المسلم يدعو لدينه بريشته وقلمه وشعره ولوحته وزخرفته ونقشه ومعماره وصوته. ينشر المفيد بالشكل الجميل، فما أجملك أيها الفنان.
في كتاب الدكتور مصطفى محمود “لغز الحياة” وتحت عنوان “فجوة في نظرية داروين” يظهر لنا جانب قصور عجيب يخالف داروين تماما، فداروين يقول بأن الكائنات الحية أصلها واحد وأن الاختلاف الذي نراه اليوم ما هو إلا تكيف الحيوانات مع البيئة التي عاشت فيها، فمن حاول الطيران تحولت أطرافه لأجنحة، ومن نزل في الماء تحولت لزعانف، و الزرافة ارتفعت رقبتها لكي تسطيع الأكل من الأشجار الشاهقة، والدب القطبي ظهر له جلد سميك لاحتمال البرد، وهكذا فهو يكاد يجزم بنظرية “بقاء الأصلح” وأن الحياة لم ترحم الضعيف الذي لم يستطع التكيف مع ظروفها القاسية. ولكن الدكتور مصطفى محمود يسأل لماذا يخرج من فصيلة الحمير كائن كالحصان مع أنه أقل تحملا وصبرا ولكنه أكثر جمالا والإنسان يميل للحصان أكثر من الحمار بالتأكيد، ولماذا يخرج من فصيلة النسور والقصور طائر لطيف جميل كالحمامة؟ إن هناك توجه آخر ألا وهو ظهور الأجمل. إن الحياة جميلة خلقها الله جميلة لأنه سبحانه جميل يحب الجمال.
إذا أدركنا ذلك كله، سنفهم حق الفهم قول رسولنا – صلى الله عليه و سلم – “إن الله جميل يحب الجمال” ، سنفهم لماذا قال الله تعالى عن الأنعام “وَ لَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُريحُونَ وَ حِينَ تَسْرَحُونْ” لماذا ذكر الجمال؟ أولا يكفي أن تكون الأنعام وسيلة للتنقل والسفر وحمل المتاع؟ لماذا وصف الله تعالى البقرة التي أمرهم الله أن يذبحوها بأنها “بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النّاظِرينْ” إن الجمال مطلوب كالمفيد تماما. وسندرك أيضا ما الذي دفع مفكر وأديب عظيم كسيد قطب لأن يكتب كتابا بعنوان “مهمة الشاعر في الحياة”، وسنفهم أيضا لماذا كتب محمد قطب “منهج الفن الإسلامي” وما الذي دفع بالشيخ العلامة يوسف القرضاوي لأن يكتب ” الإسلام و الفن”. إن الفن جزء لا يتجزأ من الحضارة الإسلامية، بل هو ضرورة من ضرورياتها.
أيها الفنان المسلم ، ما أجملك.
لنضرب مثالا لتوضيح الرؤية، هناك من يرى أهرامات الجيزة بناء معماريا ضخما، تم بناؤه بطريقة عجيبة لن يتم التعرف عليها ولكنه لا يرى فيه أي مظهر من مظاهر الجمال وعلى الجانب الآخر هناك من يراه تمثيلا للجمال الهندسي وتحفة المعمار وتعبيرا عن دقة الحسابات وإعجازها في علم البناء والفلك جميعهما. الأمر في النهاية يعود لمقدرة نفوسنا – التي وزعها الله علينا بحكمته ورحمته – على إدراك الشيء الجميل.
ولكن ما يميز الفنان أنه يمتلك طرقا خفية في الإدراك قد يعجز هو ذاته عن تفسيرها، فهي مقدرة وحس فني زرعه الله في فطرته، فتجده يتأثر تأثرا عجيبا بأشياء قد تبدو للبعض أمرا عاديا بل قد يصل بالبعض لاعتبار ذلك الأمر سذاجة وسخفا. نسمع عن فنانين كانوا مغرمين برائحة أوراق الجرائد ورائحة الكتب الجديدة فتجده عندما يشتري كتابا لا يتصفح الفهرس ولا المقدمة، ولكنه ما يلبث أن يلقي نظرة على تصميم الغلاف الجميل الجذاب حتى تجده في خلسة قد دس أنفه دسّاً في الكتاب مستنشقا رائحته، وكأنه يشم النسيم العليل عند الفجر! وهناك من نراه إذا دخل متحفا فنيا للأثاث القديم يبدأ في الاقتراب الشديد من الأثاث ويلمس بكلتا يديه القطع المطعّمة في الخشب ويقترب بعينيه منها وربما تلك اللقطة التي نمر أمامها مرور الكرام، تجده يقف أمامها الدقائق الطوال ينهل من جمالها ويملأ روحه من الإحساس الذي تنطق به تلك التحفة الصامتة شكلاً، المتكلمة روحا وفناً! وهناك من رأيناه يشم الرائحة من على بُعْد، فتراه يُمسك بصور ذكريات الطفولة ويقول لك أنا أشم في هذه الصورة رائحة كذا وكذا ! وهناك من تراه يحرص على جمع التحف الفنية من زياراته لجميع أنحاء العالم وربما كلفه ذلك المال الكثير، يفعل ذلك لا لشيء إلا لأنه عندما يراها حوله في البيت يشعر بالسلام الداخلي والهدوء النفسي والسعادة والسكينة ! وهناك من تراه يعشق نظم أبيات الشعر و تترطب أذنه بأبيات من الشعر تهزه هزا ويجلس بجواره آخر فهم الكلام ولكنه لم يجد فيه أي جديد أو أي جميل! لا ألوم هذا و لا ذاك فهذا اختلاف في القدرة على (الشعور) بالجميل واختلاف في (تذوق) الفن.
ولكن الفنان المسلم، صاحب الفكرة يقف بين لافتتين، لافتة الجميل و لافتة المفيد، محاولا الجمع بينهما، وهذا ما يميزه عن باقي البشر، فتراه يعبر عن فكرته بشيء جميل، والجميل في الشيء الجميل أنه يتعدى حدود الإدراك والتقييم والاحتراز! بمعنى أنه كم من فكرة ماكرة خبيثة دخلت لعقولنا عن طريق فيلم سينمائي أو مسلسل درامي، وكم من عادة قبيحة أو خلقا ذميما تخلق به أحدنا نتيجة صورة أو رسمه، وكم من مقولة تحتوى على مخالفات رددها الكثير لأنها قيلت في قصيدة أو مشهد من مسرحية أو فيلم بأسلوب ساخر مضحك!..
إن الفن سلاح خطير ذو حدين. أولسنا أحق – نحن أصحاب يقظة الروح و إعمال الفكر – أن ننشر أخلاقنا وسمتنا وأفكارنا الجميلة عن طريق الفن. وهنا تكمن روعة الفنان المسلم فنراه يكتب بيديه الجميلتين آيات من القرآن الكريم تسلب عقول وقلوب القارئين قبل أعينهم. وما بالك لو كُتِبت تلك الآيات بخط رديء أكان أحدهم لينظر إليها! فما أعظم جزاءه وما أجمل ثوابه، حينها ندرك معنى مقولة سيدنا علي بن أبي طالب “الخط الحسن يزيد الحق وضوحاً”. هنا تكمن روعة الفنان المسلم أنه بدلا من أن ينشر فكرته بخطبة عصماء مل الناس من سماعها وتكرارها أو بمحاضرة طويلة أصابت البعض بالاختناق أو كلاما لاسعا في نقد الصفات السيئة والعصاة. نجد فنانا أوصل رسالته في لوحة أو تصميم أو أبيات من الشعر أو زخرف فنية أو فنا معماريا أو نشيدا عذبا فانساب المعنى إلى النفس من دون أن تشعر بالملل بل عوضا عن ذلك ملأت روحها السعادة و التفاؤل.
إن مهمة الفنان المسلم – إن كان لا يدركها – مهمة عظيمة خطبها جلل، إن مهمته تكمن في تصحيح الفطرة البشرية بعد أن اعتلتها القاذورات وغرست في أوحال الحضارة الزائفة، فالفطرة السليمة ستصل إلى خالقها إن عاجلا أو آجلا وإن لم يدعها أحد، الفطرة السليمة أقرب إلى الحق منها إلى الباطل، الفطرة السليمة قادرة على حساب الأمور بعقلها وقلبها بعيدا عن شهوات النفس والمصالح الشخصية، الفطرة السليمة قادرة على تذوق الحق كما هي قادرة تماما على تذوق الجمال. إن الفنان المسلم يدعو لدينه بريشته وقلمه وشعره ولوحته وزخرفته ونقشه ومعماره وصوته. ينشر المفيد بالشكل الجميل، فما أجملك أيها الفنان.
في كتاب الدكتور مصطفى محمود “لغز الحياة” وتحت عنوان “فجوة في نظرية داروين” يظهر لنا جانب قصور عجيب يخالف داروين تماما، فداروين يقول بأن الكائنات الحية أصلها واحد وأن الاختلاف الذي نراه اليوم ما هو إلا تكيف الحيوانات مع البيئة التي عاشت فيها، فمن حاول الطيران تحولت أطرافه لأجنحة، ومن نزل في الماء تحولت لزعانف، و الزرافة ارتفعت رقبتها لكي تسطيع الأكل من الأشجار الشاهقة، والدب القطبي ظهر له جلد سميك لاحتمال البرد، وهكذا فهو يكاد يجزم بنظرية “بقاء الأصلح” وأن الحياة لم ترحم الضعيف الذي لم يستطع التكيف مع ظروفها القاسية. ولكن الدكتور مصطفى محمود يسأل لماذا يخرج من فصيلة الحمير كائن كالحصان مع أنه أقل تحملا وصبرا ولكنه أكثر جمالا والإنسان يميل للحصان أكثر من الحمار بالتأكيد، ولماذا يخرج من فصيلة النسور والقصور طائر لطيف جميل كالحمامة؟ إن هناك توجه آخر ألا وهو ظهور الأجمل. إن الحياة جميلة خلقها الله جميلة لأنه سبحانه جميل يحب الجمال.
إذا أدركنا ذلك كله، سنفهم حق الفهم قول رسولنا – صلى الله عليه و سلم – “إن الله جميل يحب الجمال” ، سنفهم لماذا قال الله تعالى عن الأنعام “وَ لَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُريحُونَ وَ حِينَ تَسْرَحُونْ” لماذا ذكر الجمال؟ أولا يكفي أن تكون الأنعام وسيلة للتنقل والسفر وحمل المتاع؟ لماذا وصف الله تعالى البقرة التي أمرهم الله أن يذبحوها بأنها “بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النّاظِرينْ” إن الجمال مطلوب كالمفيد تماما. وسندرك أيضا ما الذي دفع مفكر وأديب عظيم كسيد قطب لأن يكتب كتابا بعنوان “مهمة الشاعر في الحياة”، وسنفهم أيضا لماذا كتب محمد قطب “منهج الفن الإسلامي” وما الذي دفع بالشيخ العلامة يوسف القرضاوي لأن يكتب ” الإسلام و الفن”. إن الفن جزء لا يتجزأ من الحضارة الإسلامية، بل هو ضرورة من ضرورياتها.
أيها الفنان المسلم ، ما أجملك.
شريف محمد
مواضيع مماثلة
» فوائد الليمون للبشرة و الجمال
» لعشاق الجمال الطبيعى مجموعة صابون طبيعيات بالصور
» نصائح الرسول علية الصلاة والسلام عن الجمال والاناقة والرشاقة
» لعشاق الجمال الطبيعى مجموعة صابون طبيعيات بالصور
» نصائح الرسول علية الصلاة والسلام عن الجمال والاناقة والرشاقة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى