حكايت عم عبدة
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
حكايت عم عبدة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
إنها المرة الثانية منذ بداية الشهر ، الذي يسعفه فيها الوقت بأن يخرج مبكرا ً من عمله في أحد المكاتب لتحضير القهوة والشاي ، ليقطع الكثير من المسافات مشيا ً على قدميه الكهلتين وصولا ً إلى موقف باص النقل الداخلي .. مكللا ً بقطرات عرقه و قطعة المعروك الذي اشتراها بسعر غال ٍ .. " الله يرحم أيام زمان ، حتى المعروك .. غلي . رمضان ما عاد أبدا ً متل قبل "
الحج أبو عبدو ، لم يعطه الفقر فرصة لتحقيق حلمه بالحج .. لكن الشيب الذي غزا شعره .. دفع الجميع إلى مناداته " حج أبو عبدو " .. ورغم كثرة أولاده لكن الوضع الاقتصادي والغلاء وزوجاتهم عملوا على أن يمنعاه من الحصول على فرصته بالتقاعد .. والراحة
قد يستطيع اليوم أن يصل إلى الإفطار مع عائلته ، فالمكتب الذي يعمل به يقع في أحد الشوارع الفاخرة التي تبعد قرابة الساعة عن بيته
يتزاحم الناس على الموقف فقد اقترب موعد الآذان .. ينظر إليهم حج عبدو بقلق ، أين أنت منهم يا أبو عبدو ، ست وسبعون عاما ً .. لن تستطيع " المطاحشة "
ويمر الباص الأول .. ولا يستطيع أن يجد له مكانا ً فيه
وأخيرا ً تمر ربع ساعة واقفا ً تحت حرّ شهر آ ب ، جلبابه الأبيض .. قد عبق برائحه الكهولة الممزوجة بالتعب والجوع
هو لا يتذمر أبدا ً .. فعليه أن يصبر على ما هو فيه ، لكنه يود فقط لو يستطيع الجلوس إلى مائدة العائلة
" يا رب ما ألنا غيرك " يصعد ويتكأ بصعوبة على أحد المقاعد ، ليس من مكان شاغر
هناك أمامه مباشرة شاب في الثامنة عشرة .. يقترب منه متأملا ً أنه إذا رآ ه سيبادر إلى إعطاءه مكانه لكنه عوضا ً عن ذلك يلقي إليه نظرة فارغة كأنه يتساءل عن جدوى بقاء هذا العجوز حيا ً حتى الآن
تتحرك أحدى السيدات لتعطي الحج مكانها ، لكنه يأبى .. " خسى أبو عبدو ياخد مكان حرمة ؟ "
يسير باص النقل باهتزازته وبكل الناس الذي يحتويهم ، يتوجه ابو عبدو نحو الشاب .. ويطلب منه برفق أن يعطيه مكانه
لكن الشاب يتصرف كأنه لم يسمع ما قاله العجوز ، ويزيد من وتيرة الموسيقى الصاخبة التي يسمعها في سماعات يضعها في أذنيه
فيعود الحج إلى مكانه ، لاعنا ً في داخله تربية هذه الأيام ، وجيل هذه الأيام .. يتذكر بألم .. كيف يصّر أبنه عبدو أن الله غير موجود ويحدثه بكلام كبير .. لا يفقه منه أبو عبدو شيئا ً إلا أنه " كفر " و كفر كبير ..
كيف يكون الله غير موجود ؟ أنه موجود .. أبو عبدو يثق بذلك ويراهن عليه بحياته
سيعطيه في الحياة الأخرى الكثير من الخيرات ..فهو قد صبر كثيرا ً والله رحيم وعادل ، هو لا يفهم كل التبريرات العلمية التي يصوغها ابنه ، فإلهه قد اخترع العلم .. هذا الإله الذي اعتاد أن يسلمه آلام يومه دون تذمر ، يسأله فيمده بالصحة والحياة
تنبعث الأدعية ، من الراديو .. فيستغل الوقت بطلب الغفران له ولولده ولعائلته
يسمع الآذان قبل أن يصل إلى حارته بقليل
حينها فقط يشعر أن قواه كلها تخور ..
“ تأخرت يا أبو عبدو تأخرت ... تماما ً ككل يوم “
إنها المرة الثانية منذ بداية الشهر ، الذي يسعفه فيها الوقت بأن يخرج مبكرا ً من عمله في أحد المكاتب لتحضير القهوة والشاي ، ليقطع الكثير من المسافات مشيا ً على قدميه الكهلتين وصولا ً إلى موقف باص النقل الداخلي .. مكللا ً بقطرات عرقه و قطعة المعروك الذي اشتراها بسعر غال ٍ .. " الله يرحم أيام زمان ، حتى المعروك .. غلي . رمضان ما عاد أبدا ً متل قبل "
الحج أبو عبدو ، لم يعطه الفقر فرصة لتحقيق حلمه بالحج .. لكن الشيب الذي غزا شعره .. دفع الجميع إلى مناداته " حج أبو عبدو " .. ورغم كثرة أولاده لكن الوضع الاقتصادي والغلاء وزوجاتهم عملوا على أن يمنعاه من الحصول على فرصته بالتقاعد .. والراحة
قد يستطيع اليوم أن يصل إلى الإفطار مع عائلته ، فالمكتب الذي يعمل به يقع في أحد الشوارع الفاخرة التي تبعد قرابة الساعة عن بيته
يتزاحم الناس على الموقف فقد اقترب موعد الآذان .. ينظر إليهم حج عبدو بقلق ، أين أنت منهم يا أبو عبدو ، ست وسبعون عاما ً .. لن تستطيع " المطاحشة "
ويمر الباص الأول .. ولا يستطيع أن يجد له مكانا ً فيه
وأخيرا ً تمر ربع ساعة واقفا ً تحت حرّ شهر آ ب ، جلبابه الأبيض .. قد عبق برائحه الكهولة الممزوجة بالتعب والجوع
هو لا يتذمر أبدا ً .. فعليه أن يصبر على ما هو فيه ، لكنه يود فقط لو يستطيع الجلوس إلى مائدة العائلة
" يا رب ما ألنا غيرك " يصعد ويتكأ بصعوبة على أحد المقاعد ، ليس من مكان شاغر
هناك أمامه مباشرة شاب في الثامنة عشرة .. يقترب منه متأملا ً أنه إذا رآ ه سيبادر إلى إعطاءه مكانه لكنه عوضا ً عن ذلك يلقي إليه نظرة فارغة كأنه يتساءل عن جدوى بقاء هذا العجوز حيا ً حتى الآن
تتحرك أحدى السيدات لتعطي الحج مكانها ، لكنه يأبى .. " خسى أبو عبدو ياخد مكان حرمة ؟ "
يسير باص النقل باهتزازته وبكل الناس الذي يحتويهم ، يتوجه ابو عبدو نحو الشاب .. ويطلب منه برفق أن يعطيه مكانه
لكن الشاب يتصرف كأنه لم يسمع ما قاله العجوز ، ويزيد من وتيرة الموسيقى الصاخبة التي يسمعها في سماعات يضعها في أذنيه
فيعود الحج إلى مكانه ، لاعنا ً في داخله تربية هذه الأيام ، وجيل هذه الأيام .. يتذكر بألم .. كيف يصّر أبنه عبدو أن الله غير موجود ويحدثه بكلام كبير .. لا يفقه منه أبو عبدو شيئا ً إلا أنه " كفر " و كفر كبير ..
كيف يكون الله غير موجود ؟ أنه موجود .. أبو عبدو يثق بذلك ويراهن عليه بحياته
سيعطيه في الحياة الأخرى الكثير من الخيرات ..فهو قد صبر كثيرا ً والله رحيم وعادل ، هو لا يفهم كل التبريرات العلمية التي يصوغها ابنه ، فإلهه قد اخترع العلم .. هذا الإله الذي اعتاد أن يسلمه آلام يومه دون تذمر ، يسأله فيمده بالصحة والحياة
تنبعث الأدعية ، من الراديو .. فيستغل الوقت بطلب الغفران له ولولده ولعائلته
يسمع الآذان قبل أن يصل إلى حارته بقليل
حينها فقط يشعر أن قواه كلها تخور ..
“ تأخرت يا أبو عبدو تأخرت ... تماما ً ككل يوم “
شريف محمد
رد: حكايت عم عبدة
مشكـــــــــــــور يا عــــــم عـبــــــــده
اللى خليت أبو مـحـمـــد ينقلنــــا المـــوضوع الجمـيـــل ده عنـــــــك
ومشكور يا أبو محمد
اللى خليت أبو مـحـمـــد ينقلنــــا المـــوضوع الجمـيـــل ده عنـــــــك
ومشكور يا أبو محمد
المدير العام
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى